التخطي إلى المحتوى

أعلنت الأمم المتحدة أمس الجمعة انتهاء عملية سحب حمولة ناقلة النفط “صافر” المتداعية قبالة ميناء الحديدة اليمني الاستراتيجي في البحر الأحمر، بسحب أكثر من مليون برميل نفط منها غير أن العملية التي أزالت الخطر الوشيك بحصول تسرب لا تزال تحاصر المهمة في شأن ما بعدها.

في طور النقاش

وفي حين قالت الأمم المتحدة على لسان أمينها العام أنطونيو غوتيريش إنه “يرحب بالأنباء التي تفيد بأن نقل النفط من الناقلة صافر إلى السفينة البديلة اليمن انتهى بأمان، مجنباً (المنطقة) ما كان يمكن أن يكون كارثة بيئية وإنسانية ضخمة”، لم تشر المنظمة الدولية إلى الخطوات اللاحقة لما بعد زوال الخطر ولم تزل الأسئلة عما بعدها في ما يتعلق بمصير الشحنة الضخمة والهيكل القديم وخلفه الجديد وغيرها من الإجراءات.

فعلاوة على الشحنة النفطية التي يقدر مراقبون قيمتها بأكثر من 70 مليون دولار ولمن ستذهب في ظل تقاسم النفوذ بين الحكومة الشرعية وميليشيات الحوثي في مختلف المناطق، يبرز تساؤل من نوع آخر يتعلق بإدارة السفينة الجديدة وكذلك مصير الهيكل المتداعي ومخلفاته وقيمته وغيرها من الإجراءات البعدية وموقف  الحكومة الشرعية وميليشيات الحوثي من الأمر.

إزاء ذلك أشار منسق الأمم المتحدة في اليمن ديفيد غريسلي في تصريح له نشره موقع الأمم المتحدة، إلى أن السلطات اليمنية هي من تفعل ذلك، “لكننا وعدنا الطرفين بأن نجلس معهما في ختام عملية نقل النفط بهدف البحث عن طريقة لإيجاد التمويل وطريقة الحفاظ على السفينة وصيانتها”.

وبالنسبة إلى التوصل لاتفاق في شأن بيع النفط المفرغ ومدى صلاحيته يفيد غريسلي بأن “النفط بحال جيدة جداً وصمامات الأمان سليمة إلى حد كبير والنفط من النوع الخام خفيف الوزن وبالتالي فإن سعره يفترض أن يكون جيداً”.

تفاوض

ويكشف حديث المنسق الأممي عن خلاف بين الشرعية والحوثي على مصير الشحنة ولهذا أكد خلال حديثه أن “النفط يمكن بيعه وهذا أمر جيد في الواقع لكنه أمر يحتاج أيضاً إلى التفاوض حوله بين الطرفين لأن أولئك الذين يسيطرون على النفط ليسوا هم من يملكونه ولذا علينا أن نجد طريقة لجعل هذا الأمر مقبولاً لجميع الأطراف”، في إشارة إلى احتمالية اقتسام مبلغ الكمية، ولذلك سوف “نشرك جميع الأطراف في النقاش حول هذا الأمر”.

واسطة

كذلك يكشف حديث غريسلي عن الإشكاليات التي من الممكن نشوبها بعد صافر ومن بينها تعدد الجهات المالكة للكمية، أي شركات التنقيب والتصدير التي كانت عاملة في اليمن قبل الحرب، ووفقاً لذلك، “عرضنا وساطة الأمم المتحدة بما في ذلك احتمال إنشاء صندوق ائتماني أو حساب ضمان، لكن لم يتم التوصل إلى قرارات في شأن هذا الأمر. لذا، فهذه مناقشة أخرى سيتم إجراؤها”. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف “في الواقع، كان أحد الأسباب التي جعلتنا نختار هذا الحل بالذات هو التعقيد الذي يشوب هذا الأمر لجعل الطرفين يوافقان على بيع النفط، ولكن أيضاً لعدم الاضطرار إلى مواجهة قضايا الملكية القانونية لأن النفط مملوك بالفعل لأطراف متعددة”.

و”صافر” هي منصة نفطية عائمة صنعت قبل 47 عاماً وترسو على بعد نحو 50 كيلومتراً من ميناء الحديدة غرب اليمن الواقع تحت قبضة ميليشيات الحوثي ويعد بوابة رئيسة لدخول البضائع والإمدادات.

الطرف الرابح

وفي قراءة لجدوى هذه الإجراءات، يقول الرئيس السابق للهيئة اليمنية للبيئة عبدالقادر الخراز إن ميليشيات الحوثي هي الطرف الرابح في العملية بحيث تم منحها سفينة جديدة ووعدها ببيع الشحنة وإعطائها حصة وافرة منها، إضافة إلى نصيبها من عملية بيع خردة السفينة السابقة من دون أن تلتزم هي بأي إجراءات تتعلق بدفع رواتب الموظفين أو غيرها من الاستحقاقات التي عليها.

ويضيف “علاوة على ما شاب العملية من فساد ومتاجرة بمعاناة ملايين اليمنيين أثبتت الأمم المتحدة تماهيها مع مطالب الحوثي وغيبت الحكومة الشرعية”.

مصلحة اليمنيين

وفي ما يتعلق بمصير الشحنة المستخرجة قال الخراز إن الأمر “وضع في ميزان المصالح المشتركة للقوى النافذة بمعزل عن مصالح الشعب اليمني وحقه في ثروته، الحوثي والشركات النفطية والأمم المتحدة ومن ثم الشرعية المغيبة عن الأمر وعديمة التأثير مباشرة”.

ويردف “من غير المبرر إشراك الحوثي في القيمة العائدة التي سيسخرها للحرب ضد اليمنيين، وكذلك الشركات النفطية التي لم تسهم أصلاً وإن بدولار واحد في عملية التفريغ وهذا يكشف عن الخلل الأممي المخزي الذي لا يضع اعتباراً لمصلحة اليمنيين ولا العالم بقدر ما هو تمكين حثيث لميليشيات الحوثي من الثروة والسيطرة والنفوذ”.

جاهزون للتصدير

ويتطرق إلى ما ذكره بيان صادر عمن يسمى رئيس اللجنة الإشرافية لاتفاق الصيانة زيد الوشلي، التابع للميليشيات الحوثية، وحديثه عن تجهيز الباخرة للتصدير وفق الاتفاق مع الأمم المتحدة، ويتساءل الخراز “من أين ستصدر الميليشيات النفط وهل هناك تجهيز لسيطرتها على حقول النفط في مأرب وشبوة وحضرموت أم ماذا؟”.

أوحال نفطية

أما عن مصير الناقلة المتهالكة صافر، فقال “ستتم إعادة تدويرها ولكن هناك مهمات ملحة قبل بيعها تتعلق بمعرفة مصير الأوحال النفطية الضخمة في الباخرة التي تحتاج إلى عملية تنظيف وإخراج المواد ذات التركيز السمي العالي والمسرطن”.

ويتابع “هناك حالات ضمناها في دراسة أجريت عام 2013 توضح نوعية هذه الأوحال وخطورتها وكيف كانت شركة هنت الأميركية تدفنها في الحديدة بشكل سري وتسبب ذلك في انتشار الأمراض المسرطنة”.

وحتى بعد إتمام عملية نقل النفط، سبق وحذرت الأمم المتحدة من أن “الناقلة المتهالكة صافر ستستمر في تشكيل تهديد بيئي” مصدره بقايا النفط اللزج وخطر تفككها.

إدارة المستقبل

بحسب مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن أخيم شتاينر، فسوف تتولى شركة الشحن “يوروناف” إدارة سفينة “اليمن” الجديدة، نيابة عن الأمم المتحدة حتى نهاية العام، لكن ينبغي التوصل إلى اتفاق بين طرفي النزاع في شأن “الصيانة والإدارة مستقبلاً”، غير أن مؤشرات الصراع على الخزان العائم يبدو أنها ستستمر، خصوصاً مع إصرار الميليشيات الحوثية والحكومة اليمنية على تعيين مدير لشركة “صافر” كل من جهته، مما سيدفع إلى تعقيد الأمور.

وكانت الناقلة المتهالكة تحمل 1.14 مليون برميل من خام مأرب الخفيف، ما يوازي أربعة أضعاف كمية النفط التي كانت على متن السفينة “إكسون فالديز” الذي أحدث تسربها كارثة بيئية عام 1989 قبالة ألاسكا.