التخطي إلى المحتوى

أخفق مجلس الأمن والسلم الأفريقي خلال اجتماعه في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في تبني قرار بتعليق عضوية النيجر في الاتحاد الأفريقي، فيما اتهم المجلس العسكري الحاكم في البلاد الرئيس المعزول محمد بازوم بالخيانة العظمى وتوعد بمحاكمته.

وقال مراسل الجزيرة في أديس أبابا إن مجلس السلم والأفريقي أخفق للمرة الثالثة في اتخاذ قرار بتعليق عضوية النيجر في الاتحاد، ورحّل المسألة إلى اجتماع قادم.

وأشار المراسل إلى أن فشل المجلس في اتخاذ القرار جاء بعد اجتماع استمر 8 ساعات وشهد انقساما كبيرا بين المجموعة الأفريقية بشأن قرار كان يتخذ خلال بعض ساعات خلال المرات الماضية التي شهدت فيه دول أفريقية انقلابات مماثلة.

قادة الانقلاب يوافقون على المحادثات

وفي تطور جديد، أعلنت الحكومة الانتقالية التي عينها المجلس العسكري في النيجر أن قادة الانقلاب وافقوا على بدء محادثات مع مجموعة دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، كما أكد برلمان دول المجموعة إرسال لجنة إلى نيامي.

وقال رئيس الوزراء المعين من قبل قادة الانقلاب في النيجر علي الأمين زين إن رئيس المجلس العسكري الجنرال عمر عبد الرحمن تياني أعطى الضوء الأخضر لبدء المحادثات مع مجموعة دول إيكواس، معربا عن تفاؤله ببدء هذه المحادثات خلال الأيام القادمة.

بدوره، قرر برلمان دول مجموعة “إيكواس” إرسال لجنة إلى نيامي لمقابلة قادة الانقلاب، وبحث سبل إنهاء الأزمة دبلوماسيا.

وقال الأمين زين إن ما يطلق على نفسه “المجلس الوطني لحماية الوطن” والحكومة الانتقالية يدينان “بقوة الحملة المضللة التي تخدم مصلحة شخص واحد وجماعته”، في إشارة إلى الرئيس المطاح به محمد بازوم وحكومته.

وأكد رئيس الوزراء أن “الهدف من هذه الحملة تقويض الثقة في السلطات الانتقالية، وإفشال كل مساعي الحل التفاوضي للخروج من الأزمة لتبرير تدخل عسكري أوكل رؤساء بعض البلدان إلى قوة دولية تنفيذه باسم إيكواس”.

وفي تصريحات أدلى بها في وقت لاحق أعلن الأمين زين أن بلاده ستنجح في تجاوز العقوبات المفروضة ضد بلاده من قبل “إيكواس” ردا على انقلاب الشهر الماضي.

وقال الأمين زين لشبكة “دويتشه فيله” الألمانية “نعتقد أنه حتى ولو كان التحدي المفروض علينا غير منصف يجب أن يكون بإمكاننا تجاوزه وسنتجاوزه”.

وساطة وتوصية

وكان وفد وساطة من علماء الدين في نيجيريا قال إنه اتفق مع قادة الانقلاب -الذين التقاهم أمس الأحد في النيجر- على تكثيف الحوار لحل الأزمة، ورفع الوفد توصية لقيادة نيجيريا بعدم اللجوء إلى الحل العسكري.

وقال رئيس وفد الوساطة الشيخ عبد الله بالا لاو -في بيان- إن قائد الانقلاب عمر عبد الرحمن تياني أبلغه أن “بابه مفتوح للبحث في مسار الدبلوماسية والسلام من أجل حل الأزمة”.

ويقوم وفد المشايخ بهذه الوساطة بموافقة رئيس نيجيريا بولا أحمد تينوبو الذي يتولى حاليا الرئاسة الدورية لمجموعة إيكواس.

وفرضت إيكواس سلسلة من العقوبات على النيجر عقب الانقلاب الذي أطاح بالرئيس بازوم في 26 يوليو/تموز الماضي، واتفقت على تفعيل “قوة الاحتياط” لديها لتكون مستعدة للانتشار في النيجر لإعادة النظام الدستوري، وهي خطوة أثارت غضب قادة الانقلاب.

ولم تحدد “إيكواس” أي جدول زمني لتدخلها العسكري المحتمل، وألغت أول أمس السبت اجتماعا طارئا لقادة جيوشها كان مقررا عقده لبحث قرار تفعيل قوة الاحتياط.

جاء ذلك في وقت شهدت فيه الجلسة الطارئة لبرلمان مجموعة “إيكواس” انقساما حادا حال دون التوافق على قرار موحد بشأن التدخل العسكري في النيجر.

وتتزامن هذه التطورات مع انطلاق اجتماع مجلس الأمن والسلم الأفريقي التابع للاتحاد الأفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.

ووسط تباينات حادة بين أعضائه يبحث المجلس في اجتماع مغلق تدخلا محتملا في النيجر، إلى جانب إمكانية تعليق عضوية نيامي في الاتحاد الأفريقي.

وفي موقف آخر، أعلنت مجلة “دير شبيغل” الألمانية أن الحكومة الألمانية أوقفت التعاون الثنائي مع النيجر، وقالت إن برلين لن ترسل نحو 24 مليون يورو كانت مخصصة للتعاون الإنمائي إلى نيامي.

محاكمة بازوم

وفي تطور لافت، قال العقيد أمادو عبد الرحمن عضو ما سمي المجلس العسكري الحاكم في النيجر إن المجلس جمع أدلة الإثبات الضرورية لمحاكمة الرئيس المحتجز محمد بازوم بتهمتي الخيانة العظمى والمس بأمن النيجر.

وفي بيان تلاه عبر التلفزيون الوطني قال عبد الرحمن إن “الحكومة النيجرية جمعت حتى اليوم الأدلة لمحاكمة الرئيس المخلوع وشركائه المحليين والأجانب أمام الهيئات الوطنية والدولية المختصة بتهمتي الخيانة العظمى وتقويض الأمن الداخلي والخارجي للنيجر”.

كما اتهم أمادو عبد الرحمن رؤساء بعض الدول -لم يسمها- بأنهم أوكلوا إلى قوة دولية تنفيذ تدخل عسكري في النيجر باسم مجموعة إيكواس.

بازوم (يمين) في مقر إقامته بعد أيام من الإطاحة به خلال استقباله رئيس تشاد محمد إدريس ديبي (الفرنسية)

وما زال بازوم محتجزا في مقر إقامته الرئاسي مع ابنه وزوجته منذ يوم الانقلاب، وقال المجلس العسكري إنه لم يستول على مقر إقامته ولا يزال حرا في التواصل مع الخارج، و”لديه كل وسائل الاتصال”.

وأكد قادة الانقلاب أن بازوم “يتلقى زيارات منتظمة من طبيبه الذي لم يثر أي مخاوف بشأن وضعه الصحي وأفراد أسرته”.

وكان بازوم أعلن عبر عدد من وسائل الإعلام أنه بات “رهينة”، وأنه حرم من الكهرباء وأجبر على تناول الأرز و”المعكرونة” فقط.

وفي ما يتعلق بالمسؤولين الموقوفين من النظام المطاح به، قال عبد الرحمن إن المجلس العسكري والحكومة الانتقالية “يؤكدان تصميمهما الثابت على احترام قوانيننا ونظمنا والتزامات النيجر في مجال حقوق الإنسان، وهذا ما يضمن معاملتهم بإنسانية، وبما يتوافق مع قيمنا التقليدية والدينية”.

موقف غينيا كوناكري

وفي سياق متصل، أعرب المجلس الذي أنشأه قادة الانقلاب في النيجر عن تقديره موقف دولة غينيا الرافض للتدخل العسكري.

جاء ذلك خلال زيارة للجنرال صالو بارمو عضو المجلس إلى كوناكري، وكانت كل من غينيا ومالي وبوركينا فاسو أعلنت معارضتها أي تدخل عسكري في النيجر.

وفي نهاية يوليو/تموز الماضي أعربت أيضا كل من مالي وبوركينا فاسو -اللتين يقودهما عسكريون أيضا- عن تضامنهما مع النظام الجديد في نيامي.

في الأثناء، احتشد أمس الأحد مؤيدو المجلس العسكري الذي شكله قادة الانقلاب في النيجر بالعاصمة نيامي، للتعبير عن تأييدهم موقف المجلس والقرارات التي اتخذها.

وندد المتظاهرون بمواقف بلدان غرب أفريقيا التي فرضت عقوبات على المجلس، ورفعوا شعارات تطالب المجلس العسكري بمواصلة التعاون مع مالي وبوركينا فاسو.

مقتل جنود ومسلحين

من ناحية أخرى، أعلن جيش النيجر مقتل 6 من جنوده وإصابة جندي واحد و10 مسلحين بالقرب من مدينة سانام غربي البلاد في منطقة حدودية بالقرب من مالي وبوركينا فاسو.

وقال الجيش إن جنوده طاردوا في 5 مركبات عسكرية مسلحين في المنطقة اشتبهوا في أنهم “جهاديون” عندما تعرضوا لكمين على بعد حوالي 20 كيلومترا من مدينة سانام غربي البلاد، وهو ما أعقبته اشتباكات مسلحة تطلبت إرسال تعزيزات برية وتدخل سلاح الجو.

وأشار البيان إلى أن من وصفهم بـ”10 إرهابيين” قُتلوا خلال “عملية تمشيط” نفذتها “تعزيزات جوية وبرية”، لافتا إلى أن 4 دراجات نارية للمهاجمين “دمرت” أيضا.

وتقع مدينة سانام في تيلابيري في ما تسمى منطقة “الحدود الثلاثة” بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو، والتي تشكل مسرحا لعدد من الهجمات التي تنفذها الحركات المسلحة.

وبرر قائد النظام الجديد الجنرال عبد الرحمن تياني الانقلاب بـ”التدهور الأمني” في البلاد التي قوضها عنف الجماعات المسلحة.