التخطي إلى المحتوى

إعداد- أحمد البشير:

استقالت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس بعد 44 يوماً فقط على دخولها «10 داونينغ ستريت»، وبعد فترة صاخبة أدت فيها سياساتها الاقتصادية إلى اضطرابات في الأسواق المالية، وتمرد من حزبها الحاكم الذي قضى على سلطتها في نهاية المطاف.

لم تصمد ليز تراس أكثر من 44 يوماً في «10 داومينغ ستريت» جراء فشل خطتها الإقتصادية التي وصفت ب»الكارثية»، ليحل محلها ريشي سوناك الهندي الأصل في محاولة لانقاذ بريطانيا من أزماتها الإقتصادية والمالية.

في بيان تم إعداده على عجالة خارج مكتبها في شارع «داونينغ ستريت»، أقرت تراس بأنه لا يمكنها إتمام المهمة التي انتخبها حزب المحافظين لإنجازها.

وتعد تراس، ثالث رئيس وزراء من حزب المحافظين يستقيل منذ عام 2019، لتترك حزباً منقسماً،لكنه جاء بزعيم جديد لعله يوحد صفوفه المتناثرة. فاز سوناك بمواجهة زعيمة مجلس العموم بيني مورداونت بعدما قرر بوريس جونسون، رئيس الوزراء السابق الذي أطيح في يوليو/ تموز بعد سلسلة من الفضائح الأخلاقية، الإنسحاب من المعركة.

ليست مستسلمة

وانسحبت تراس بعد يوم واحد فقط من تعهدها بالبقاء في السلطة، قائلة: إنها «مقاتلة وليست مستسلمة». لكنها لم تستطع الصمود أكثر من ذلك بعد أن استقالت وزيرة رفيعة المستوى من حكومتها؛ هي سويلا بريفرمان، التي كانت تتقلد وزارة الداخلية، ما أجبرها أي (تراس) على التخلي عن السلطة. وقد تنفست الأسواق الصعداء، وارتفع الجنيه بنحو 1% إلى ما فوق 1.13 دولار بعد الاستقالة.

وكان عدد متزايد من المشرعين وجهوا دعوة إلى تراس للاستقالة بعد أسابيع من الاضطرابات التي أشعلتها خطتها الاقتصادية في ال23 سبتمبر/أيلول، والتي تضمنت مجموعة من التخفيضات الضريبية التي سببت هلعاً في الأسواق المالية؛ حيث خشي المستثمرون من أن بريطانيا لا تستطيع تحمل هذه السياسات.

وأدت هذه الاضطرابات إلى استبدال وزير الخزانة، وتحولات متعددة في السياسات وانهيار حالة الانضباط في حزب المحافظين الحاكم.

ومن غير الواضح إلى أين سيتوجه الحزب من هذه النقطة؛ إذ قال سايمون هور، النائب في حزب المحافظين لشبكة «بي بي سي» قبل استقالة تراس: «لا أحد لديه خطة طريق، والأمر أشبه بحرب من دون استراتيجية عسكرية».لكن سوناك تعهد بأنه سيقوم بالمهمة,

وكانت استقالة تراس بعد اجتماعها مع غراهام برادي، أحد كبار المشرعين المحافظين الذي يشرف على تحديات القيادة. وتم تكليف برادي بتقييم ما إذا كانت رئيسة الوزراء لا تزال تحظى بدعم أعضاء حزب المحافظين في البرلمان، لكن في تلك المرحلة، كانت الأصوات المطالبة بإطاحتها تتزايد.

وقال برادي: إنه مدرك تماماً لضرورة المصلحة الوطنية لحل هذه الأزمة بوضوح وبسرعة، مشيراً إلى أن الزعيم الجديد سيتولى منصبه بأقرب وقت ممكن.

الدعوة لانتخابات مبكرة

ورغم أن سوناك خلف تراس، حيث سيكون ثالث رئيس وزراء للبلاد هذا العام وحد، إلا أن الأصوات تتعالى وخصوصاً من جانب حزب العمال المعرض لإجراء انتخابات نيابية مبكرة «لإن الحكومة تفتقر إلى الشرعية الديمقراطية.»

وأوضح زعيم حزب العمال كير ستارمر: «لقد أظهر حزب المحافظين أنه لم يعد لديه تفويض للحكم. ويجب أن نحظى بفرصة بداية جديدة، ونحن بحاجة إلى انتخابات عامة الآن».

وتصاعد غضب النواب المحافظين على خطط الحكومة لاستئناف عمليات التكسير لاستخراج الغاز الصخري، ما أدى إلى حدوث فوضى في البرلمان؛ حيث اتهم أعضاء الحزب باستخدام أساليب ضغط لكسب الأصوات.

وتسارع سقوط تراس بعد استقالة وزيرة الداخلية سويلا بريفرمان، التي انتقدت تراس في خطاب استقالتها قائلة: إن لديها «مخاوف بشأن خط سير هذه الحكومة».

وبدأت سلسلة الأحداث الدرامية، بعد أن كشفت تراس ووزير الخزانة، كواسي كوارتنج، عن خطة اقتصادية «الميزانية المصغرة» بقيمة 45 مليار جنيه إسترليني (50 مليار دولار) من التخفيضات الضريبية غير الممولة التي نتج عنها تقويض قيمة الجنيه الإسترليني وزيادة كلفة ديون حكومة المملكة المتحدة؛ إذ اضطر بنك إنجلترا للتدخل لمنع الأزمة من الانتشار إلى الاقتصاد الأوسع وتعريض صناديق التقاعد للخطر.

وأقالت تراس كوارتنج، وألغى بديله جيريمي هانت، وزير الدولة للشؤون الخارجية وشؤون الكومنولث السابق، كل التخفيضات الضريبية وكذلك خطة تراس المتعلقة بالطاقة وتخفيضات الإنفاق العام.

وقال هانت: إن الحكومة ستحتاج إلى توفير مليارات الجنيهات وهناك «العديد من القرارات الصعبة» التي يتعين اتخاذها قبل أن يتم تحديد الميزانية العمومية متوسطة الأجل في ال31 من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.

وفي حديثها إلى المشرعين لأول مرة منذ التحول، اعتذرت تراس واعترفت بأنها ارتكبت أخطاء خلال الأسابيع ال6 من توليها المنصب، لكنها أصرت على أنها بتغيير المسار «تحملت المسؤولية، واتخذت القرارات الصحيحة لمصلحة الاستقرار الاقتصادي للبلاد».

يشار إلى أن تراس ترشحت عن حزب المحافظين في الانتخابات العامة لعام 2001، لكنها خسرت الانتخابات كما تعرضت للهزيمة في انتخابات 2005. لكن طموحاتها السياسية لم تتراجع، فقد تم انتخابها عضواً في مجلس بلدية «غرينتش» في عام 2006، وفي عام 2008 عملت نائبة لمدير مؤسسة الأبحاث «إصلاح» ذات التوجهات المحافظة.

وفي عام 2016 أصبحت وزيرة العدل في عهد رئيسة الوزراء تيريزا ماي، وانتقلت في العام التالي لشغل منصب نائبة وزير الخزانة وهو منصب وضعها في قلب البرنامج الاقتصادي للحكومة. وبعد أن أصبح بوريس جونسون رئيساً للوزراء في عام 2019، تقلدت منصب وزيرة التجارة الدولية، مما وفر لها الفرصة لمقابلة ساسة ورجال أعمال عالميين للترويج للشركات البريطانية.

وفي عام 2021، تولت منصب وزيرة الخارجية عندما نقل جونسون دومينيك راب إلى منصب وزير العدل.

Scan the code