التخطي إلى المحتوى

بدون قصد، أصبح سعد ماضي، المواطن الأميركي السعودي، أحدث حلقة في سلسلة المشاكل بين الرياض وواشنطن، بعد أن أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنه محتجز في السعودية، فيما أشارت تقارير إلى تلقيه حكما ثقيلا بالسجن بسبب تغريدات انتقادية للرياض.

ويبلغ الماضي 72 عاما، وقد تعرض للاعتقال بسبب تغريدات يعود عمر بعضها إلى سبع سنوات، بحسب الناشط السعودي المقيم في واشنطن، ومدير ومؤسس معهد الخليج، علي الأحمد.

يقول الأحمد لموقع “الحرة” إن الماضي زار الرياض عدة مرات خلال السنوات الأخيرة، لكنه لم يتعرض للاعتقال برغم أن تلك التغريدات كانت موجودة في حسابه.

ويعتقد الماضي أن “شيئا تغير” سواء في “العقيدة الأمنية للسعودية” أو “في أولويات الاعتقالات التي تقوم بها”، مضيفا أن “السعودية تقوم باعتقال أشخاص لتخويف غيرهم”.

ووفقا لهذا المبدأ فقد تكون الرياض ترسل فعلا إشارة لواشنطن على حقبة جديدة من البرود، أو للناشطين الأميركيين السعوديين بأنهم سيتعرضون للمحاسبة بسبب انتقادهم الرياض.

ويقول الكاتب جوش روغين، في مقال نشر على صحيفة واشنطن بوست إنه في حين بذلت إدارة بايدن جهودا كبيرة لتأمين إطلاق سراح أميركيين بارزين من روسيا وفنزويلا وإيران، إلا أنها كانت أقل علنية وأقل نجاحا في تأمين إطلاق سراح المواطنين الأميركيين المحتجزين في المملكة العربية السعودية.

ويضيف “في الواقع، على الرغم من أن المملكة العربية السعودية من المفترض أن تكون حليفا للولايات المتحدة، فإن الحكومة السعودية تحت قيادة ولي عهد محمد بن سلمان تتعامل مع منتقديها من المواطنين الأميركيين بقسوة أكثر من أي وقت مضى”.

ويقول ابن الماضي، إبراهيم، إن الحكومة السعودية عذبت والده في السجن، ويتهم وزارة الخارجية بإساءة التعامل مع القضية.

ولا يعتبر الماضي من الناشطين البارزين، أو من الناشطين أساسا، وتمثل التغريدات هذه الجزء الأكبر من لائحة الاتهام، بحسب الناشط علي الأحمد المطلع على القضية.

ويضيف الأحمد، أن الاتهامات الأخرى تشمل إيواء إرهابيين، والتعامل معهم.

ويقول أن “ابن سعد الماضي المقيم في الولايات المتحدة ناشط يكتب تغريدات معارضة للنظام، والحكومة السعودية اتهمت والده بإيوائه والتعامل معه بوصفه إرهابيا، فيما هو مجرد والد يعيش ابنه معه”.

ويضيف أن تغريدات الأب “معتدلة جدا” و”قد مدح ولي العهد في بعضها، لكنه انتقد طريقة الإدارة السعودية وبعض الممارسات الحكومية ودعا لمزيد من الحرية للمرأة”.

والأحمد هو ناشط سعودي معروف، ويقول إن “السلطات السعودية سألت سعد الماضي عن علاقته بالأحمد”.

ويعمل الماضي مدير مشاريع في ولاية فلوريدا، ويحاكم بسبب 14 تغريدة نشرت على مدى سنوات.

وسافر الماضي إلى السعودية لرؤية عائلته وتخليص متعلقات مالية، بحسب الأحمد، في نوفمبر الماضي، حيث تم اعتقاله.

وتذكر إحدى التغريدات التي اعتقل بسببها مقتل الناشط والصحفي السعودي المعروف جمال خاشقجي، الذي قتل داخل القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018.

ويقول ابنه لواشنطن بوست “كان لديه ما يمكن أن أسميه آراء معتدلة حول الحكومة، وقد اعتقل من المطار”.

وفي 3 أكتوبر، حكم على الماضي بالسجن 16 عاما. كما تلقى حظرا على السفر لمدة 16 عاما وإذا قضى عقوبته كاملة، فسيغادر السجن في سن 87 عاما، وسيتعين عليه العيش حتى سن 104 سنوات قبل أن يتمكن من العودة إلى الولايات المتحدة.

ويقول الناشط الأحمد إن العقوبة قد تزداد حينما تصل القضية إلى محكمة الاستئناف كما حصل عدة مرات من قبل.

ويضيف “في عائلة الماضي مسؤولون وحتى رجال أمن، كان يعتقد أنه محمي بطريقة ما، لكن بعد 2015 تغيرت العقيدة الأمنية السعودية بشكل كبير، وهي تزداد سوءا يوما بعد يوم، وتزداد قسوة”.

وقال ولده إن الأب تعرض للتعذيب في السجن، وأجبر على العيش في بؤس واحتجز مع إرهابيين فعليين، كل ذلك بينما كانت عائلته مهددة من قبل الحكومة السعودية بأنها ستفقد كل شيء إذا لم تلتزم الصمت.

وطلبت وزارة الخارجية من إبراهيم عدم التحدث علنا عن القضية، لكنه لم يعد يعتقد أن التزام الصمت سيضمن حرية والده، وفقا لواشنطن بوست. ويقول إن الولايات المتحدة تعاملت مع قضية والده بإهمال وعدم كفاءة.

ولم يقم أحد من السفارة الأميركية في الرياض بزيارة الماضي حتى مايو، بعد ستة أشهر من اعتقاله، وفقا للأحمد. وتقول واشنطن بوست إنه في ذلك الاجتماع، رفض الماضي أن يطلب من الحكومة الأميركية التدخل.

وقال إبراهيم إن السجانين السعوديين يهددون بتعذيب السجناء الذين يشركون حكومات أجنبية في قضاياهم.

وفي اجتماع قنصلي ثان في أغسطس، طلب الماضي مساعدة وزارة الخارجية في قضيته. ثم تعرض للتعذيب، على حد قول إبراهيم.

وفي الشهر نفسه، جاء إبراهيم إلى واشنطن للضغط من أجل اتخاذ إجراء بشأن قضية والده. وكان طلبه الرئيسي هو تصنيف المادي كمواطن أميركي “محتجز ظلما”. ومن شأن هذا التصنيف أن يرفع قضية الماضي في نظر الحكومة الأميركية وينقل الملف من بيروقراطية الشؤون القنصلية في وزارة الخارجية إلى مكتب المبعوث الرئاسي الخاص لشؤون الرهائن، الذي يمتلك مجموعة واسعة من الأدوات لضمان إطلاق سراح الأميركيين المحتجزين ظلما في الخارج.

وفقا للقانون الأميركي، لا يمكن “احتجاز مواطن أميركي بشكل غير مشروع” إذا استوفى واحدا من 11 معيارا محددا، يبدو أن ستة منها على الأقل تنطبق على قضية الماضي.

وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية لواشنطن بوست إن إدارة بايدن أثارت قضية الماضي مع الحكومة السعودية على مستويات رفيعة.

وقال إن عملية وزارة الخارجية لتحديد ما إذا كان الماضي سيحصل على تصنيف “محتجز ظلما” لا تزال مستمرة.

Scan the code