التخطي إلى المحتوى

شعبان بلال (القاهرة) 

كشف صندوق النقد الدولي، أمس، عن توصله إلى اتفاق مبدئي مع تونس حول حزمة إنقاذ بقيمة 1.9 مليار دولار والذي يمكن إتمامه في شهر ديسمبر.
وتونس في حاجة ماسة منذ شهور إلى مساعدة دولية إذ ترزح تحت وطأة أزمة مالية، فيما يهدف الاتفاق على مستوى الخبراء إلى تقديم حزمة لمدة 48 شهراً عبر ما يسمى «تسهيل الصندوق الممدد» لمساعدة تونس على استعادة استقرار الاقتصاد الكلي، وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي، والمساواة الضريبية وتنفيذ إصلاحات من شأنها النهوض بالنمو وخلق فرص عمل.
وتعرض الاقتصاد التونسي لعدة ضربات على مدى السنوات الماضية، إذ تسببت اضطرابات سياسية وهجمات مسلحة في الإضرار بقطاع السياحة الحيوي، حتى قبل بزوغ تحديات أخرى مثل جائحة «كوفيد – 19» وشح السلع العالمية بفعل الأزمة في أوكرانيا.
وحذر صندوق النقد الدولي من أنه من المرجح أن يتباطأ النمو على المدى القريب، وهو ما سيفرض مزيداً من الضغط فيما يتعلق بمعدل التضخم، وكذلك الميزانين التجاري والمالي.
ورأى خبراء ومحللون سياسيون أن قرض صندوق النقد الدولي ضروري لمواجهة الأزمة الاقتصادية في تونس، لكنه ليس حلاً كاملاً لها، مؤكدين أن سيكون محركاً للإصلاحات الاقتصادية التي وعدت بها الحكومة. 
وقال المحلل السياسي التونسي محمد صالح العبيدي: «إن هذا القرض يعتبر مصيرياً بالنسبة لتعافي الاقتصاد التونسي لعدة أسباب، أولها أنه سيعطي للحكومة التونسية إمكانية الخروج للأسواق المالية لتغطية العجز الكبير في الميزانية، والذي بلغ قرابة 8 مليارات دولار، وهو رقم قياسي في تاريخ الاقتصاد التونسي». 
وأضاف لـ «الاتحاد»، أن السبب الثاني هو أن قرض صندوق النقد الدولي سيكون بمثابة المحرك الأساسي للإصلاحات الاقتصادية التي وعدت بها الحكومة والمتمثلة في خفض الضغط على الإنفاق العام، وهو ما من شأنه تحريك النشاط الاقتصادي.
من جانبه، أفاد المحلل السياسي التونسي منذر ثابت بأن الحصول على قرض صندوق النقد الدولي من شأنه تخفيف الضغط على تونس لاسيما ميزانية الدولة، لكن لا يمكنه وحده إنقاذ الاقتصاد، نظراً لحجم المديونية العمومية الداخلية والخارجية. 
وأشار لـ«الاتحاد» إلى أن هذا القرض هو نتيجة لتقييم صندوق النقد الدولي للأداء الممكن للاقتصاد التونسي في ظل الإصلاحات الهيكلية، مضيفاً إن هذا التقييم سيمكن تونس من الدخول للأسواق المالية العالمية والاقتراض من مؤسسات بنكية ودول أخرى. 
وأكد أن حصول تونس على قرض صندوق النقد سيكون أحد العناصر الدافعة نحو استعادة الاقتصاد عافيته خلال الفترة المقبلة. 
ويتوقع خبراء ومحللون سياسيون أن يكون هذا القرض جرعة تنشيطية وبداية لتخفيف أزمة الأوضاع الاقتصادية وإنعاش الميزانية العامة، لكنهم أكدوا ضرورة العمل، عبر هذا القرض، على كسب ثقة المؤسسات الدولية مرة أخرى. 
إلى ذلك أوضح المحلل السياسي التونسي نزار الجليدي، أن القرض يحمل في طيّاته وشروطه فرض إصلاحات موجعة أهمها ترشيد الدعم، والحد من الأجور التي يعتبرها الصندوق «الدابة السوداء» في الاقتصاد التونسي.
وأضاف لـ «الاتحاد»، أنه سيكون بداية إصلاحات عميقة للاقتصاد التونسي، خصوصاً أن الصندوق  اشترط حضور ممثلين عن «اتحاد الشغل» و«منظمة الأعراف» وذلك لضمان أكبر توافق ممكن على هذه الإصلاحات، مشيراً إلى أنه أيضاً سيُخرج تونس من عزلتها الاقتصادية ويفتح الباب واسعاً أمام الاستثمار الخارجي.

 

Scan the code